حبيبتي..
كل عام وانتي بطلتي..
لا اصدق كيف صمدنا ووصلنا للتاسعة والعشرين..أتصدقين هذا؟
كان طريقا طويلاً مليئاً بالدروس، الأحلام الغير منجزة بعد، الكثير من اللقاءات والكثير من الوداعات. على كل حال احييكِ على شجاعتكِ، مازال قلبك نابضاً شاكراً لكل من مر وجعلني ارى البشر في نقائهم وشرهم.
اخر عام لكي في العشرينيات، لن تلحقي كلمة عشرين بعد في سنينك القادمة. اتركي القادم لوقته، وتعالى اسمعي مني عهودنا، للعام الجديد.
اولاً .. لنكن متفقين .. عيبك الخطير الذي أجل احلامك كان الخوف .. إذن في عامنا الجديد سوف نتعامل معه كصديق قديم حميم، لازمني في أصغر المواقف، هربَ نومي وكدر أحلامي، شجعني فقمت أنجز أشياءاً خوفاً أن أخسرها.
ولكن جانبه الأسود.. ذاك ما يتملكك كثيراً لتلازمي فراشك بالساعات، خشية فعل أي شي ذو قيمة في اليوم، سواء إتصال مهم، أو كتابة أو حتى خروج مع الأصدقاء.
يجعلكِ حبيسة أيام رهن إشارته كأنك عبدته، وبينما يفك قبضته عنك يتركك ساعات وبمجرد أن تقومي لتنجزي أقل القليل.
وما أن تتشجعي لتفعلي شيئاً أكبر، مثلاً أن تعودي لمكتبك وتمسكي قلمك لإنهاء روايتك، حتى يعود مسرعاً كطفل مزعج، يصرخ ويدبدب بقدميه أرضاً حتى تتوقفي، أو يأتي كشيخٍ عجوز يجلس الى جوارك ناصحاً إياكِ أن لا تقدمي على نشر كتابتك للحياة..
الكتابة ستعرضك للسخرية، ستضعين نفسك محط إنتقاد للجميع،، والعالم مخيف في الخارج صغيرتي.
لن انجز كتابة هذه الفقرة ابداً إن وصفت لك كم كان خوفك يحاول حمايتك طوال تلك السنين أما من الفشل والسخرية..
واما يخشى ان يظهر له عدو… الشجاعة!
شجاعة أن تبدئي من جديد بالرغم من ما كان وما سيكون.
الخوف صديق أناني ياعزيزتي.. هو يحميك فعلاً ولكنه لا يقبل أن تصادقي غيره.
اذن .. هل إستطعتي أن تخمني نصيحتي لك للعام الجديد؟؟
نعم هي كذلك،، الخوف سيبقى موجود كصديق قديم، لن يذهب في اي مكان غير إننا سنحاول ان نروض نرجسيته ليتقبل وجود الشجاعة بقلبك معه..
سيحاول هو بشتى الطرق ان يلعب معك كل الأدوار، سيكون ساخراً ناقداً لاذعاً أشد قسوة منكِ على نفسِك، سيجعلك عدوته الأولى ويحاول الإيقاع بك، فالنرجسي لا يقبل ان يسرح عبدته بسهولة..
ستكونين أذكي منه: أنا لا أهزمك ولا أبعدك غير أنني أحاول أن أجرب شيئاً جديداً، آخذه بكل نصائحك لي، سأجعل لنا صديقاً ثالثاً.. انا والخوف وقلباً شجاعاً..
ما زلتِ متحمسة للحياة أفهمكِ.. وعندما تقولين العكس أمام الناس أعلم أنك تحاولين الهروب، يصبح صوتك وحنجرتك ولسانك ملك خوفك فيتكلم هو عنكِ، عن عدمية هذا الكون، فغرقك في اليأس يحميكِ، أنتي لستي زاهدة.. أنتي فقط خائفة..
وماذا بعد الخوف من عدو تريدين أن تجعليه صديقاً حميماً!
ها، جسدك؟!
لك جسد جميل حبيبتي، اتركِ شكله فهذه مسأله أذواق، ولكني سأحدثك عن جسدك الذي لا تمتني في كل لحظة من أجله.
جسدك متجدد، خلايا جلدك في كل لحظة تتبدل بأنعم، لك قلباً جميلاً ينبض طوال الوقت رغماً عنكِ، يتفاعل معك، في حزنك يهدأ ويكتئب لإكتئابك، وفي الفرح ينبض سريعاً فرحاً بك مشاركاً إياكِ الوقت بل ويضيف من تدفقه حتى يعطيكِ الطاقة لتنتهزي الفرصة، وتستمتعي بكل لحظة.
لكي دماغ مليء بالأفكار، به كل الخيال الذي تكتبيه، يعطي أوامر من دون تعب ولا عناء، لمعدتك ورئتيك وعيناكِ وكل شي حي بك، حتى يعمل على أفضل وجه.
جسدك صحي، به طاقة وحياة ومحبة تستطيعين توزيعها على بشرية كاملة.
نصيحتي هي ان تشركيه، اصمتي كل يوم لخمس دقائق، قبل نومك أو فور إستيقاظك.
أغمضي عيناكِ السودوان، وركزي معه، أشعري بمرور الدم بشراييِنك وخلاياكِ، أشعري بقلبك وفرق نبضاته، أشكريهم قدريهم وأمتني بعمق لمن اعطاكِ إياه.
نصيحتي الثالثة: العالم من حولك، الحبيب، الناس، الاصدقاء، الأم، الجيران الزملاء.. ألخ.
لا تستطيعي أن تعيشي بغير وجودهم أعترفي بذلك، فإحتياجك لهم ليس ضعفاً..
ولكن ماذا عن احتياجهم هم لكي، ماذا عساها تريده اي صديقة مثلا منك ..
تريد أفضل نسخة منك…، الشكوى وتضييع الوقت والأذي بالكلمات ليس صداقة، قدمي أفضل ما عندك لهم ولكِ.
ولا تقبلي بأشباه الأصدقاء، ولا تفرحي بالمجاملات الفارغة.
سامحي وأمضي للتجربة التالية، وها قد أختبرتي كم أن مضي العمر سريعاً، لا نعلم حقاً متى أصبحنا في آخر سنة من العشرينيات.
اليوم الذي يمضي لا يعود حقاً والحياة قصيرة جداً، ليس كلاماً بل واقعاً وإن أعترفتي بغير ذلك.
من يرحل اتركيه ومن يود البقاء رحبي به.
الأشخاص من حولنا كبحر موجٍ عظيم، غبي من يعتقد إنه يستطيع الإمساك بهم، قد يأخذهم ويبعدهم أي شيء ..
والسيد يراقبنا طوال الوقت.. الموت حولنا في كل مكان، وهذه ليست نظرة تشاؤمية بل انها واقعية …
اااه الواقعية، كم كنت أعنفك على هذه الكلمة يا من شاركت روحي وكم آمنت بها الآن. أشكرك على ما علمتني إياها.. فقد كنت أنت كف الحياة الذي صفعني، وهدأ من روعي، لإستيقاظي لنفسي ولما يهرب مني كل يوم بسبب خوفي.. أشكرك مقبُلة ذاك الكف.
بينما ندرك من راح من بيننا وخطفته الحياة بين أمواجها حتى يملئنا الندم، ليتنا قلنا كلاماً أجمل، ليتنا عبرنا عما نشعر به لمن رحلو، ليتنا وليتنا.. وتتحول ذكراهم الجميلة لماسآه..
انتي لستِ بهذا الغباء لتفعليها، فيضي محبة وتقبيل وشكر ومسامحة على من يدخلون لحياتك، اسكنيهم قلبك، فهو آمن لا يطرد ساكنيه.
واخيراً صديقتي وبطلتي هذه آخر كلماتي لك، لا تخافي من الحياة، اسرعي إليها بكل طاقتك، ولا تخشي اصطدامك بجدرانها، وقتها ستتعلمين انه هناك جدار.
أمتني لجسدك الحي في كل يوم، واجعلي من قلبك صديقاً لا عدواً خائباً.
أحبي الجميع .. الجميع .. بما فيهم أنتِ.
كل عام وانتي أنا.